أشار جون بارنيل، أستاذ الكيمياء الجيولوجية بمختبر جامعة أبردين الإسكتلندية، إلى أنه تم اكتشاف أفضل إشارات على وجود حياة في فوهة البركان الضخمة المعروفة باسم 'ماكلولين كريتر' على سطح كوكب المريخ.
ووصف بارنيل في التقرير الذي نُشر أول أمس بمجلة نيتشر جيوساينس كيف قيم العلماء الحفرة التي تشكلت من النيزك الذي ارتطم بسطح المريخ، وقذف الصخور إلى أعلى متطايرةً عدة كيلو مترات. وقال إن الصخور يبدو أنها مركبة من الطين والمعادن التي تغيرت بفعل الماء، العنصر الأساسي لدعم الحياة.
وأضاف 'من الممكن أيضا أن نكون قريبين جدا من اكتشاف لو أن هناك، أو كان هناك، حياة على المريخ. ونحن نعلم من الدراسات أن نسبة كبيرة من جميع أشكال الحياة على الأرض موجودة أيضا في باطن الأرض، ومن خلال دراسة ماكلولين كريتر يمكننا أن نرى ظروفا مماثلة تحت سطح المريخ بفضل الملاحظات على الصخور التي طرحتها ضربة النيزك'.
واستطرد بارنيل 'من الممكن ألا يكون هناك حياة على سطح المريخ لأنه مغمور بالإشعاع ومجمد تماما. ومع ذلك فالحياة في باطنه يمكن أن تكون محمية من هذا الأمر. وليس هناك من سبب يفسر لماذا لا توجد البكتيريا أو الجراثيم الأخرى التي ما زالت تعيش في الشقوق الصغيرة تحت سطح المريخ'.
وأضاف 'من بين الأشياء الأخرى التي ناقشناها في بحثنا هو أن هذه البكتيريا يمكن أن تقتات على الهيدروجين، وهذا بالضبط نفس ما تفعله الميكروبات أيضا تحت سطح الأرض. وللأسف لن نجد أي دليل على وجود حيوانات، حيث أعقد شكل للحياة قد نجده في باطن الأرض سيكون الفطريات. لكن حتى الفطريات ليست بعيدة كل هذا البعد عن النباتات والحيوانات، ولذلك أعتقد بإمكانية القول أن الحياة على المريخ يمكن أن تكون معقدة ولكنها صغيرة'.
ويعتقد الأستاذ بارنيل أنه بالرغم من أن المهمة القادمة للمريخ سيكون لها نمط ما لدراسة احتمالات الحياة تحت سطحه إلا أنه يقول إن دراسته الجديدة تشير إلى أن البحث حول حواف الحفر البركانية سيكون أسهل وأكثر فائدة.
وقال 'ما نفعله بالفعل هو التأكيد على أننا إذا كنا سوف ننقب عن الحياة على المريخ فإننا نحتاج إلى الغوص تحت السطح. لذلك نحن بحاجة إلى إيجاد مدخل لهذا الأمر. ومدخل القيام بذلك ربما كان بالحفر، وبالفعل سيتعين على البعثة الأوروبية القادمة أن تفكر في هذا مليا لكن الحفر سينزل إلى نحو مترين فقط'.
'ومع أن الحفر لمترين على الأرض قد يكون إنجازا تكنولوجيا رائعا إلا أنه مجرد خدش للسطح. لذلك فإن البديل هو الاستفادة مما قدمته لنا الطبيعة، ولهذا السبب نحن مهتمون بصفة خاصة بماكلولين كريتر (فوهة البركان الضخمة) التي درسناها في بحثنا. لأنه عندما يسقط نيزك يشكل حفرة كبيرة في الأرض ويلقي بالصخور من قاع الحفرة إلى خارج فوهة البركان إلى حيث يمكننا الذهاب وأخذ عينة منها'.
وبينما الفوهات على المريخ قد تكشف أسرارا عن احتمال دعم الكوكب للحياة، فقد كشف الأستاذ بارنيل النقاب أيضا عن النتائج التي يمكن أن توضح لنا كيفية بدء الحياة على الأرض.
وقال بارنيل 'من السهل جدا استخلاص أوجه الشبه بين شكل المريخ واحتمال ما كانت عليه الأرض في بداية نشأتها، لأن الصخور التي نراها على الأرض الآن قد أُعيد تدويرها كثيرا بطرق لم يتم تدويرها بها على المريخ. والمريخ ليس به أشياء مثل التآكل والتغير في سلاسل الجبال لتدمير الأدلة الحيوية من الماضي. ومن ثم فإن دراسة حفر نيازك المريخ قد توفر لنا بالفعل دليلا على كيفية نشأة الأرض'.
ومضى قائلا 'رغم أننا نعيش جميعا على سطح الأرض إلا أن الحياة لم تنشأ هنا لكنها في الحقيقة نشأت في باطن الأرض. وما إن بدأت الحياة تتخذ شكلها تحت السطح حتى بدأت تتمدد تدريجيا وتظهر على السطح. وفي الواقع هناك الكثير من الحياة تحت سطح كوكبنا لدرجة أننا فعلا نحن الخلق الفريد الذي يعيش على ظهرها'.